الشاهد للدراسات السياسية والاستراتيجية        

   
     

الشاعر أحمد مطر

قصيدة جديدة

أَتَعـرِفُ رَقْـمَ سِـروالٍ
على آلافِ أميـالٍ
وَتَجهَلُ أرْقَـماً في طـيِّ سِـروالِكْ ؟

إذا دانَتْ لَكَ الآفـاقُ
أو ذَلَّـتْ لَكَ الأعنـاقُ
فاذكُـرْ أيُّهـا العِمـلاقُ
أنَّ الأرضَ لَيْسـتْ دِرْهَمـاً في جَيْبِ بنطـالِكْ

أَعِـدْ قَـدَمـي ..
لِكَـيْ أمشـي إلَيـكَ مُعَـزّياً فينـا
فَحالـي صارَ مِن حالِكْ
أعِـدْ كَفّـي
لكـي أُلقـي أزاهيـري
علـى أزهـارِ آمالِكْ
أعِـدْ قَلبـي ..
لأقطِـفَ وَردَ جَـذوَتِهِ
وَأُوقِـدَ شَمعَـةً فـي صُبحِـكَ الحالِكْ
أَعِـدْ شَـفَتي ..
لَعَـلَّ الهَـولَ يُسـعِفُني
بأن أُعطيكَ تصـويراً لأهـوالِكْ
أَعِـدْ عَيْـني ..
لِكَـي ابكـي على أرواحِ أطفـالِكْ
أتَعْجَـبُ أنّنـي أبكـي ؟
نَعَـمْ .. أبكـي
لأنّـي لَم أكُـن يَـومـاً
غَليـظَ القلبِ فَـظّاً مِثـلَ أمثـالِكْ
***
لَئِـن نَـزَلَتْ عَلَيْـكَ اليـومَ صاعِقَـةٌ
فَقـد عاشتْ جَميـعُ الأرضِ أعوامـاً
وَمـازالـتْ
وَقـد تَبقـى
على أشفارِ زِلزالِكْ
وَكفُّـكَ أضْـرَمَتْ فـي قَلبِهـا نـاراً
وَلم تَشْـعُرْ بِهـا إلاّ
وَقَـد نَشِـبَتْ بأذيالِكْ
وَلم تَفعَـلْ
سِـوى أن تَقلِبَ الدُّنيـا على عَقِـبٍ
وَتُعْقِـبَهـا بتعديـلٍ على رَدّاتِ افعـالِكْ
وَقَـد آلَيْـتَ أن تَـرمـي
بِنَظـرةِ رَيْبِـكَ الدُّنيـا
ولم تَنظُـرْ، ولو عَرَضَـاً، إلى آلِـكْ
أَتَعـرِفُ رَقْـمَ سِـروالٍ
على آلافِ أميـالٍ
وَتَجهَلُ أرْقَـماً في طـيِّ سِـروالِكْ ؟
أرى عَيْنَيكَ في حَـوَلٍ ..
فَـذلِكَ لـو رمـى هـذا
تَرى هـذا وتَعْجَبُ لاسـتغاثَتـهِ
ولكنْ لا تـرى ما قـد جَنـى ذلِـكْ
ارى كَفَّيْـكَ في جَـدَلٍ ..
فواحِـدَةٌ تَـزُفُّ الشَّمـسَ غائِبَـةً
إلـى الأعمـى
وواحِـدَةٌ تُغَطِّـي الشَّمـسَ طالِعةً بِغِـربالِكْ
وَمـا في الأمـرِ أُحجِيَـةٌ
وَلكِنَّ العَجائِبَ كُلَّهـا مِن صُنْـعِ مِكيـالِكْ
***
بِفَضْـلِكَ أسـفَرَ الإرهـابُ
نَسّـاجاً بِمِنـوالِكْ
وَمُعتاشـاً بأمـوالِكْ
وَمَحْمِيّـاً بأبطالِكْ
فَهل عَجَـبٌ
إذا وافاكَ هـذا اليـومَ مُمْتَنّـاً
لِيُـرجِعَ بَعضَ أفضـالِكْ ؟!
(وَكَفُّكَ أبدَعَتْ تِمثـالَ (ميدوزا
وتَـدري جَيِّـداً أنَّ الّذي يَرنـو لَـهُ هـالِكْ
فكيفَ طَمِعتَ أن تَنجو
وَقَـد حَـدَّقتَ في أحـداقِ تِمثالِكْ ؟‍‍
خَـرابُ الوضـعِ مُختَصَـرٌ
بِمَيْـلِ ذِراعِ مِكيـالِكْ
فَعَـدِّلْ وَضْـعَ مِكيالِكْ
ولا تُسـرِفْ
وإلاّ سَـوفَ تأتـي كُـلُّ بَلبَلَـةٍ
بِمـا لَم يأتِ فـي بالِكْ
***
إذا دانَتْ لَكَ الآفـاقُ
أو ذَلَّـتْ لَكَ الأعنـاقُ
فاذكُـرْ أيُّهـا العِمـلاقُ
أنَّ الأرضَ لَيْسـتْ دِرْهَمـاً في جَيْبِ بِنطـالِكْ
وَلَو ذَلَّلتَ ظَهْـرَ الفِيلِ تَذليـلاً
فَـإنَّ بَعـوضَـةً تَكفـي .. لإذلالِـكْ

 

على باب القيامة

بَكـى مِـن قَهْـريَ القَهـرُ
وأشـفَقَ مِـن فَمـي المُـرُّ
وَسـالَ الجَمْـرُ في نَفْسـي
فأحـرَقَ نَفسَـهُ الجَمـرُ
بِكُـلِّ خَلِيَّـةٍ مِنّـي
لأهـلِ الجَـوْرِ مَحـرقَةٌ
تُزمجـرُ : مِن هُنا مَـرّوا
وإنّي صابِرٌ دَومـاً على بَلوايَ
لَمْ تَطـرُقْ فَمـي شـكوايَ
لَو لَمْ يَسـتـَقِلْ مِن صَبْـريَ الصَّبْـرُ
وَلَستُ ألومُـهُ أبَـداً
فَـرُبَّ خِيـانَةٍ عُـذرُ
أَيُسـلِمُ ذَقْـنَ حِكمَتِـهِ
لِكَـيْ يَلهـو بِها غِـرُّ
أَيأمُـلُ في جَنَى بَـذْرٍ
تُرابُ حُقولِهِ صَخْـرُ ؟
أُعيذُ الصَّبـرَ أن يُبلي
ذُبـالَةَ قَلبـهِ مِثلي
لِلَيْـلٍ مالَـهُ فَجْـرُ
***
أُشـاغِلُ قَسْـوَةَ الآلا
لا ضَيْـرُ
سَتصحو أُمَّتـي يَومـاً
وَعُمْـري دُونَ صَحْوَتِهـا هُـوَ النَّـذْرُ
فَتَضحكُ دَورةُ الأيّـامِ
كَـمْ دَهْـراً سَـيَبلُغُ عِنـدَكَ العُمْـرُ ؟
أَدِرْ عَيْنَيكَ
هَـل في مَن تَـرى بَشَـرٌ ؟
وَهَـلْ في ما تَرى بِشْـرُ ؟
بِلادُكَ هـذهِ أطمـارُ شَحّـاذٍ
تُؤلّفُها رِقـاعٌ ما لَها حَصْـرُ
تَوَلَّـتْ أمـرَها إِبَـرٌ
تَدورُ بِكَـفِّ رَقّاعٍ
يَدورُ بأمـرِهِ الأمـرُ
وما مِن رُقعَـةٍ إلاّ وَتَـزعُمُ أنَّهـا قُطْـرُ ‍
وفيها الشّـعبُ مَطـروحٌ على رُتَبٍ
بِلا سَـبَبٍ
ومَقسـومٌ إلى شُـعَبٍ
لِيَضـرِبَ عَمْـرَها زَيـدٌ
وَيَضـرِبَ زَيْـدَها عَمْـرو
مَلايينٌ مِـنَ الأصفـارِ
يَغـرَقُ وَسْـطَها البَحْـرُ
وَحاصِـلُ جَمْعِهـا : صِفْـرُ
***
ألوذُ بِصَـدْرِ أبياتي
وأُطمِعُها وأُطمِعُني
بأنَّ أَتِـيَّها الآتـي
سَـيَهدِمُ ما بَنـى المَكـرُ
فَيَثـأرَ بائِـسٌ ويَثـورَ مُعْتَـرُّ
وَأنَّ سـماءها لا بُـدَّ أن تبكي
لِيَضـحَكَ للثَّـرى ثَغْـرُ
تَقولُ : اصبِـرْ على المَـوتى
إلى أن يَبـدأَ الحَشْـرُ
فلا عِنـدي عَصـا موسـى
وِلا في طَـوْعِـيَ السِّـحْرُ
سَـماؤكَ كُلُّهـا أطباقُ أسْـمَنْتٍ
فلا رَعْـدٌ ولا بَـرقٌ ولا قَطْـرُ
وَأرضُـكَ كُلُّهـا أطباقُ أسْـفَلْتٍ
فلا شَـجَرٌ ولامـاءٌ ولا طَيـرُ
فَماذا يَصنَعُ الشِّـعـرُ ؟
دَعِ المَـوتى
ولا تُشـغَلْ بِهَـمِّ الـدَّفنِ إذ يَبـدو
لِعَيْنِـكَ أنَّهُم كُثْـرُ
بلادُكَ كُلُّهـا قَبْـرُ
***
لَقَـد كَفَّـرتَ إيمـاني
فَكَفِّـرْ مَـرَّةً يا شَعبُ عن ذَنبـي
عَسـى أن يُؤمِـنَ الكُفـرُ
وَقَـد خَيَّبتَ آمـالي
فَخَـيِّبْ خَيْبَتـي يَـومـاً
وَقُـلْ لِلشِّـعرِ ماذا يَصنَـعُ الشِّـعرُ
أنَسـألُ عَـن عَصـا موسـى
وَطَـوْعُ يَمينِنـا قَلَـمٌ ؟
أنَطلُبُ سِـحْرَ سَـحّارٍ
وَمِـلءُ دَواتِنـا حِبـرُ ؟
زَمـانُ الشِّـعرِ لا يَجتازُهُ زَمَـنٌ
وَسِـرُّ الشِّـعرِ ليـسَ يُحيطُـهُ سِـرُّ
فَـرُبَّ عِبـارَةٍ عَبَـرَتْ
وضـاقَ بِحَمْلِهـا سِـفْرُ
وَرُبَّ هُنَيْهَـةٍ هانَـتْ
وفي أحشـائِها دَهْـرُ
لَـدَى خَلْـقِ القَصـيدَةِ تُخلَـقُ الـدُّنيـا
وفي نَشْـرِ القَصـيدَةِ يَبـدأُ النَّشْـرُ
سَيَنبَعُ هاهُنـا حُـرٌّ
ويَنبِضُ ها هُنـا حُـرٌّ
ويَسـطَعُ ها هُنـا حُـرُّ
وَتُشـرِقُ ثُلَّـةُ الأحـرارِ كالأسـحارِ
تَحفِـرُ في جِـدارِ اللّيْلِ بالأظفـارِ
حَتّـى يُبهَـتَ الحَفْـرُ
فَتَطلُـعُ طَلـعَةُ الآفـاقِ مِن أعماقِ بُرقُعِهـا
وَيَهتِـفُ ضِحْـكُ أدمُعِهـا
سَـلامـاً .. أيُّهـا الفَجْــرُ

عباس وراء المتراس

عباس وراء المتراس
يقظ منتبه حساس
منذ سنين الفتح يلمع سيفه
ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفه
بلع السارق ضفة
قلب عباس القرطاس
ضرب الأخماس بأسداس
(بقيت ضفة)
لملم عباس ذخيرته والمتراس
ومضى يصقل سيفه
عبر اللص إليه، وحل ببيته
(أصبح ضيفه)
قدم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفه؛
صرخت زوجة عباس" :أبناؤك قتلى، عباس
"ضيفك راودني، عباس
قم أنقذني يا عباس
عباس - اليقظ الحساس - منتبه لم يسمع شيئا
(زوجته تغتاب الناس)
"صرخت زوجته " :عباس، الضيف سيسرق نعجتنا
قلب عباس القرطاس، ضرب الأخماس بأسداس
أرسل برقية تهديد
فلمن تصقل سيفك يا عباس؟
(لوقت الشدة)
!!.إذن، اصقل سيفك يا عباس

الأبكم

أيها الناس اتقوا نار جهنم
لا تسيئوا الظن بالوالي
فسوء الظن في الشرع محرم
أيها الناس أنا في كل أحوالي سعيد ومنعم
ليس لي في الدرب سفاح، ولا في البيت مأتم
ودمي غير مباح، وفمي غير مكمم
فإذا لم أتكلم
لا تشيعوا أن للوالي يداً في حبس صوتي
بل أنا يا ناس أبكم؛
!!.قلت ما أعلمه عن حالتي، والله أعلم

 

الصفحة الرئيسية