الشاهد للدراسات السياسية والاستراتيجية        

   
     

مصر: جماعة للحريات تجمِّد نشاطها احتجاجًا على الدولة القاهرة

- عبد الحافظ الصاوي
   
  في شكل من أشكال الاعتراض على قرار الحكومة المصرية بتمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة 3 سنوات قادمة.. قرَّرت جماعة تنمية الديمقراطية المصرية تجميد أنشطتها في مصر اعتبارًا من شهر يونيو 2000 المقبل، معتبرة أن استمرار العمل في ظل هذا القانون -المطبق منذ 45 عامًا في مصر منها 18 عامًا متصلة- لن يكون مجديًا على الإطلاق.
وأشارت الجماعة التي تضم عددًا كبيرًا من القيادات المعارضة في مصر، ويرئسها عبد العزيز محمد -النقيب السابق لمحاميي القاهرة- أنها تعرَّضت في ظل استمرار العمل بقانون الطوارئ لمطاردة الحكومة المصرية، شأنها في ذلك شأن المؤسسات الأخرى المستقلة والعاملة في مجال العمل الأهلي بشكل عامّ، وحقوق الإنسان على وجه الخصوص، وقالت الجماعة: إن الحكومة المصرية لم تتوقف عن اتخاذ الإجراءات التي تفرض القيود على الجمعيات النشطة العاملة في هذه المجالات، وفي هذا الإطار.. فإن صدور القانون 153 لسنة 1999 الخاص بتنظيم عمل الجمعيات الأهلية ليس آخر المطاف؛ إذ أن الحكومة تحرص دائمًا على إشهار سيف الأوامر العسكرية في وجه النشطين في مجال حقوق الإنسان، ووضع العقبات المتنوعة في طريقهم، ومن ذلك ما تعرَّضت له جماعة تنمية الديمقراطية من إلغاء لندواتها وإحالة أعضائها إلى تحقيقات إدارية. وقال رئيس الجماعة السيد عبد العزيز محمد في آخر ندوة نظمتها جماعته حول "تخصيص مقاعد للنساء في الهياكل المنتخبة": إنه يعتبر هذه الندوة هي الأخيرة في عمل الجماعة العام، لأن الحديث عن تنمية الديمقراطية في مثل هذه الظروف يغدو أمرًا مثيرًا للسخرية والإشفاق؛ "فوطن يحكم لمدة تزيد عن الـ45 عامًا بقانون الطوارئ، منها 18 عامًا بلا انقطاع، ويحاكم المدنيين أمام محاكم عسكرية ويقدم فيه نشطاء حقوق الإنسان إلى محاكم استثناء بموجب أوامر صادرة من نائب الحاكم العسكري.. وطن كهذا لا يمكن الحديث عن ديمقراطية فيه"!
ولكن رئيس الجماعة ذكر للحكومة المصرية مع ذلك أنها أخذت خطوات إيجابية خلال الشهور الأخيرة باتجاه تحسين أوضاع بعض الفئات المغبونة في المجتمع، ومن ذلك اتجاهها لتحسين أوضاع المرأة في المجتمع المصري من خلال إصدار قانون الأحوال الشخصية، وتشكيل المجلس الأعلى للمرأة برئاسة السيدة سوزان مبارك -حرم الرئيس المصري-.
وكانت الجماعة قد طالبت الرئيس المصري باتخاذ عدد من الخطوات التي من شأنها أن توسع هامش الديمقراطية المتاح في مصر، وعلى رأسها ألا يتقدم الرئيس إلى البرلمان بطلب لتجديد حالة الطوارئ، وأن يتعهَّد شخصيًا بأن تجرى الانتخابات البرلمانية القادمة في مناخ من الحرية والمساواة، وفي ظل القوانين العادية، وأن يقوم بإلغاء كافة الأوامر والقرارات العسكرية التي تنظم شئونًا مدنية بطبيعتها، وعلى رأسها الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1992، وأن يترك تنظيم تلك المسائل للقوانين الصادرة من البرلمان، كما طالبته من ناحية أخرى بإيقاف محاكمة النقابين المصريين البارزين أمام المحكمة العسكرية العليا، وإحالة قضيتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم على ما فعلوه إن كانوا قد فعلوا ما يستحق العقاب.
ويذكر أن قرار تجميد الجماعة لنشاطها بدءاً من يونيو 2000 جاء بصورة مباشرة بعد أن وجدت نفسها أمام أوضاع غير متوافقة مع بنود قانون الجمعيات الجديد رقم 153 لسنة 1999؛ حيث إن جميع مصادر تمويل الجمعية تأتي من الخارج، وليس لها أية مصادر محلية وهو ما يجرِّمه القانون، وساعد على اتخاذ هذا القرار بشكل أكبر إحالة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان المحامي حافظ أبو سعدة إلى محكمة أمن الدولة العليا للطوارئ بموجب الأمر العسكري الصادر عام 1992 بخصوص التمويل الأجنبي، حيث يحاكم لحصوله على تمويل للمنظمة من برنامج حقوق الإنسان بمجلس العموم البريطاني بموجب شيك تسلَّمه من السفارة البريطانية بالقاهرة.
والجدير بالذكر أن جماعة تنمية الديمقراطية أنشئت بموجب قانون الشركات المصري 159 لسنة 1981 كشركة مساهمة حتى تخرج من تحت سيطرة وزارة الشئون الاجتماعية التي يعطيها القانون المصري سلطات واسعة للتدخُّل في عمل الجمعيات الأهلية، وتضمّ الجماعة مجموعة من المؤسسين شغلوا مناصب وزارية سابقًا في الحكومة المصرية، ونخبة من خبراء القانون والليبراليين الاقتصاديين وخبراء في التنظيمات الدولية، وقد حصلت الجماعة في كل برامجها التي نفَّذتها على مدار قرابة 4 سنوات على تمويل أجنبي بنسبة 100% من جهات أمريكية وبريطانية وهولندية ودانماركية ونرويجية وغيرها، لتمول بها أنشطتها التي تهتم بالقوانين التي صدرت في البرلمان فيما يخصّ المجتمع المدني والممارسة الديمقراطية، وذلك في تقاريرها السنوية عن أداء مجلس الشعب التي أثارت الكثير من الجدل