الشاهد للدراسات السياسية والاستراتيجية        

   
     

 الاسم: محمد عمارة مصطفى عمارة

تاريخ ومحل الميلاد: مركز قلين - كفر الشيخ- مصر في 8/12/1931م

المهنة وجهة العمل: مفكر إسلامي ومؤلف ومحقق

المؤهلات العلمية

دكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة 1975م

ماجستير في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة 1970م

ليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة 1965م

الخبرات السابقة

حصل على عديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية والدروع منها "جائزة جمعية أصدقاء الكتاب، بلبنان سنة 1972م"، جائزة الدولة التشجيعية بمصر سنة 1976م ووسام التيار الفكري الإسلامي القائد المؤسس سنة 1998م

 الإنتاج العلمي

أكثر من 100 مؤلف منشور في مجال الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية منها

معالم المنهج الإسلامي، دار الرشاد، القاهرة سنة 1997م

الدكتور عبد الرزاق السنهوري: إسلامية الدولة والمدنية والقانون، دار الرشاد، القاهرة 1999م

الشيخ محمد الحامد -رحمه الله-الإجابة للأستاذ سعيد حوى- رحمه الله

كان الشيخ محمد الحامد آية في التحقيق العلمي، وكان بحرًا في العقائد وفي الفقه وفي التصوف وفي الأصول وفي التفسير والحديث والتاريخ، وكان عارفًا بعصره عارفًا بأنواع الضلال فيه هذا مع أدب لا يبارى ولا يجارى، وكان متشددًا في الفتوى، فكان لا يفتي إلا إذا درس ودارس واطمأن، وكان ناصحًا مشفقًا يُحس كل المسلمين بشفقته ورحمته وخلوص نصيحته، لا يقابل السيئة بمثلها، وقد بدأ حياته سلفيًا، فقرأ الكثير لابن تيمية، ثم استقر على مذهبية سلفية تتمسك بالنصوص، وعلى تصوف فقهي يتقيد بالفقه، وكم كان حريصًا على وحدة المسلمين، فهو لا يرى أن هناك تناقضًا بين المسلمين يبيح لهم أن يدخلوا في خصومات بعضهم مع بعضهم وينسوا الردة والمرتدين، وكان بحرًا في العلوم كلها لا تطرق بابًا من العلم إلا وقد أخذ بذؤابته ويعرف دخنه وينبه على الأخطاء المحتملة فيه، وكان شاعرًا فصيحًا، إذا خطب لا تعد عليه خطأ، وكان قريبًا بعيدًا حساس النفس كريمها، عف اللسان متأدبًا مع العلماء، انظر نقاشه للدكتور السباعي ورده عليه في "اشتراكية الإسلام"، فإنك لا تجد أروع من ذلك الرد، وهو في أعلى درجات الحب، وكم أرجو أن يأخذ كل مسلم من ذلك درسًا، وكان يخشى على عقائد الناس وسلوكهم، فإذا رأى فكرة خاطئة لم ينم حتى يطمئن أنه قام بواجبه نحو الله فيها، فإذا قرأ جريدة فرأى خطأ أو جاءته رسالة تشعره بخطأ أو عرف أن هناك خطأ ينتشر صال وجال، وكثيرًا ما كادت مواقفه تودي بحياته أو بوظيفته، وكم من مفاهيم صححها وضلالات دفنها في الاعتقاد وفي السلوك، وساعد على ذلك ثقة لا حدود لها، فإذا قال للإخوان المسلمين شيئا قالوا سمعًا وطاعةً وإذا قال للصوفيين شيئًا أخذوا به أو تركوا ما ينبههم عليه، وإذا قال للسلفيين شيئًا كان محل قبول، لأنه يأتي مع الكلمة بدليلها، وكان لا يسكت على مخطئ يقول أمامه كلمة بل كان ينصح ويصحح، فكم صحح لغة وكم صحح بيت شعر فيه غلو أو خطأ يقوله منشد، وكما كان مع المذهبية ومع التحقيق كان يخشى من دعوى الاجتهاد وما يترتب على ذلك من فوضى في الفتوى، خاصة وهو يرى أن من تصدروا للاجتهاد كانوا يخالفون الإجماع في فتاواهم، وكان ذلك منه شفقة على الإسلام والمسلمين لا سدًا لباب مفتوح فهو يرى التحقيق ويحترم أهله، أما عباداته وتقواه فحدِّث ولا حرج، فقد كان دائم التلاوة لكتاب الله مداومًا على الذكر اليومي مقيمًا لحلقات الذكر مع تخير ذلك كله مما يقره أهل العلم.

ولقد صاغ مدينته حماة صياغة جعلها مؤهلة لكل خير، ومن ههنا وجد في حماة جيل يشكل النموذج لما ينبغي أن يكون عليه أبناء العالم الإسلامي، جيل اجتمع فيه العلم الصحيح المنبثق عن عقيدة سليمة وتقوى عارمة تملأ القلب ورغبة في رضوان الله تحرك روح الجهاد، فاجتمع لشباب حماة علم وتقوى وجهاد، ولولا الشيخ ما كان شيء من ذلك وما خرج على يد إخوانه وتلامذته من خير فإن ذلك أثر عنه، وكان مع جلالته وهيبته ذا دعابة صادقة وفكاهة نادرة تأتي في محلها تطييبًا بشكل يحار فيه من لا يعرف الشيخ، لقد ربى إخوانه على التمسك بالنصوص وعلى احترام أهل العلم والفقه وعلى الأخذ من الأولياء والتلقي منهم مع التمسك بالنصوص والفقه، وربى إخوانه على حب حسن البنا وحب الإخوان المسلمين وحب جميع المسلمين، وكان يربي إخوانه على أن يضعوا يدهم بيد كل مسلم مهما علا من أجل أن تقمع هذه الردة، وكان مع هذا كله جميل الهيكل وضيء الوجه، من نظر إليه نظرة أدرك أنه أمام ولي لله -عز وجل-.

وهو مع هذا غزير العبرة كثير البكاء ولم أر بين علماء المسلمين ممن رأيت وقابلت من ينطبق عليه قوله تعالى (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) إلا شيخنا الحامد وشيخنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.

لقد كان -رحمه الله- مستوعبًا لمذاهب أهل السنة والجماعة في العقائد والفقه والسلوك، كما كان مستوعبًا لعقائد الفرق الضالة عارفًا دقائقها وكان دراكًا لضلالات العصر عارفًا ببدع الاستغراب عارفًا بوجهات المستشرقين والمستغربين، ولذلك كان كثير التصويب لمن يسمع لهم لأنه كان يعرف القول ولازمه ولازم لازمه، فإذا أحس بشيء ما من الخطأ في القول أو بلازمه أو بلازم لازمه كان يصحح، ومن ههنا كان لا يستغرب من عايشه أن يصحح له في الجلسة الواحدة الكثير، ومن ههنا تأتي القصة التي رواها بعض الناس على لساني وحمّلها ما لا تحتمل من أنه سجل الشيخ إحدى عشرة ملاحظة على محاضرة من محاضرات الأستاذ البنا، فالذي يعرف شيخنا الحامد، ويعرف دقته لا يستغرب أن يسجل الملاحظات الكثيرة على كل من يتكلم أمامه، فلقد كان دقيق التدقيق على الكلام وعلى لازمه ولازم لازمه، وكان -رحمه الله- يذكر لنا هذه الحادثة مزكيًا حسن البنا، وكيف أن حسن البنا أعلن في محاضرة لاحقة عن أن الشيخ الحموي لاحظ عليه كيت وكيت، وأن الحق معه في كيت وكيت، كان الشيخ يقص علينا هذه القصة من باب أن حسن البنا على عظمته لم يكن يستنكف أن يعلن أمام الملأ أجمع عن أنه أخطأ إذا كان فعلاً قد وقع في الخطأ.

وقد اجتمع له -رحمه الله- مع الاستقامة الكرامة، وقد عرفت له الكرامة من شبابه، وقد رأى إخواننا في مصر من كراماته، وقد رأى تلامذته من كراماته الكثير، وبعض كراماته مشهورة في حماة معروفة. وما ذكرته هو بعض ما فيه فهل يلومني في حبه إلا سفيه.

وكان الشيخ -رحمه الله- على وزنه العلمي وعلى قوة شخصيته يرى أن حسن البنا -رحمه الله- مجدد قرون وليس مجددًا لهذا القرن فحسب، وقد واطأه على ذلك الأستاذ الندوي -حفظه الله-، وقد فهم بعضهم من ذلك أنه نفي لوجود مجددين في القرون الخالية، وليس هذا صحيحًا بل نوعية التجديد كانت من السعة في الدعوة بحيث شملت جوانب واستهدفت أهدافًا لم تتطرق إليها دعوات التجديد في بعض القرون السالفة.