الشاهد للدراسات السياسية والاستراتيجية        

   
     

للمرة الثانية .... مشروع قانون
لاغتيال مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر


تعرب المنظمة المصرية لحقوق الانسان عن قلقها البالغ إزاء مشروع القانون الخاص بالجمعيات الأهلية المقدم من الحكومة لمجلسى الشعب والشورى لمناقشته و إقراره و قد اعتمد مشروع القانون بالأساس على ذات نصوص القانون 153 لسنة 1999 والذى سبق وقضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته بجلسة 3 يونيو 2000 لعدم عرضه على مجلس الشورى خلافا لنص المادة 195 من الدستور باعتباره من القوانين المكملة للدستور ، فضلا على العوار الدستورى الذى شاب باقى مواد القانون والذى ترفعت المحكمة الدستورية عن مناقشته اكتفاء بالحكم بعدم دستورية القانون بأكمله رغم إشارة المحكمة إلى وجود عيوب دستورية واضحة فى باقى مواد القانون .
وكانت المنظمة قد تحصلت على نسخه من مشروع القانون المقدم من رئاسة مجلس الوزراء والذى جاءت نصوصه لتسير على ذات النهج الحكومى والذى يهدف إلى اغتيال ومحاصرة مؤسسات المجتمع المدنى ، كما شدد مشروع القانون من قبضة جهه الإدارة ممثله فى وزارة الشئون الاجتماعية على العمل الأهلى فى مصر .

ومن ناحية أخرى فقد احتفظ مشروع القانون الجديد بذات البنود الواردة بالقانون 153 لسنة 1999 فيما يتعلق بالبنود الخاصة بتسجيل الجمعيات الأهلية وعلقها على موافقة الجهات الإدارية وحظر ممارسة النشاط السياسي والنقابى دون تحديد واضح لمفهوم العمل السياسي و النقابى الأمر الذى يوسع من صلاحيات وزارة الشئون الاجتماعية فى تحديد هذا المفهوم ، كما احتفظ مشروع القانون بتدخلات الجهات الإدارية فى تشكيل مجلس الإدارة والإذن بقبول التمويل والإذن بالانضمام إلى جمعيات ومنظمات دولية ، بالإضافة إلى سلب حق الجمعيات العمومية فى الإشراف والرقابة على الجمعيات وإسناد هذا الحق للجهات الإدارية واستمرت أيضا ذهنية تجريم العمل الأهلى فيما يتضمنه مشروع القانون من عقوبات سالبه للحرية فى قانون يعنى فى المقام الأول بالعمل التطوعى ، ولم يكتفى مشروع القانون المقدم بكافة البنود الواردة بالقانون 153 لسنة 1999 والتى تعصف بالحق فى التجمع السلمى وحرية المجتمع المدنى والمبادرة الفردية بل وتضمن كذلك مشروع القانون تعديل خطير للمادة " 42 " أعطت للجهة الإدارية والممثلة فى وزارة الشئون الاجتماعية صلاحية حل الجمعية بقرار إدارى و تعيين مصفى للجمعية ومصادرة أوراقها وأموالها فيما كان النص فى القانون 153 لسنة 1999 يتضمن طلب مقدم من الجهة الإدارية للمحكمة المختصة بحل الجمعية و يأتى هذا التعديل ليؤكد من جديد توجهات الحكومة المناهضة لمفهوم العمل الأهلى والحريات العامة واستكمالا لسياسة تقييد ومصادرة الحقوق الأساسية الواردة فى الدستور والمواثيق الدولية التى وقعت عليها الحكومة المصرية وعلى رأسها الحق فى التجمع السلمى وحرية الرأى والتعبير والحق فى المشاركة فى إدارة الشأن العام .
لقد جاء هذا المشروع بقانون فى إتجاه معاكس تماماً للمتغيرات العالمية والمصرية التى تنمى فلسفة تحرير القطاع المدنى واتخاذه كشريك كامل فى كافة المجالات واستنادا إلى تعاظم دور مؤسسات المجتمع المدنى على الصعيدين الدولى و المحلى وما تلعبه المنظمات ومؤسسات المجتمع المدنى من أدوار هامة من مواجه سلبيات العولمه والهيمنة الدولية على شعوب واقتصاديات العالم الثالث والدفاع عن حقوق الانسان ومكافحة جرائم الحرب هذا بالإضافة إلى اعتماده كشريك ثالث فى قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية

 

و مما يؤسف له أن يأتى هذا القانون فى الوقت الذى باتت فيه المنظمات المصرية لحقوق الانسان تمارس دورا هاما فى قيادة المنظمات العربية وطرح القضايا العربية على ساحة منظمات المجتمع المدنى العالمى وهو ما تأكد إبان مؤتمر دربان بجنوب أفريقيا والذى نجحت فيه تلك المنظمات فى تعبئة المنظمات الدولية غير الحكومية لإدانة إسرائيل ووصفها بالدولة العنصرية وإدانة ممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني كما تتخذ هذه المنظمات خطوات فاعله فى ملاحقة مجرمى الحرب الإسرائيليين وتقديمهم للمحاكمة الجنائية .

والمنظمة إذ تعرب مجدداً عن بالغ قلقها إزاء مشروع قانون الجمعيات المقدم من الحكومة والمعروض حاليا على مجلس الشعب فإنها تناشد أعضاء البرلمان المصري التروى وإعطاء مشروع القانون الوقت الكافى لمناقشته والتعقيب على مواده المعيبة وتبنى موقفاً حاسماً إزاء المشروع - يتم فيه تغير النصوص المعيبة التى تهدد عمل المؤسسات المدنية فى مصر وتحد من قيود الجهات الإدارية على أداء تلك المؤسسات لعملها وكذلك تناشد المنظمة أعضاء البرلمان ابان مناقشاتهم تأكيد فلسفة العمل الأهلي باعتباره لمنظمات مستقلة عن الحكومة تمارس دورها كشريك فى التنمية وتمثل جمعياتها العمومية المنتخبة الجهه الأصيلة و الوحيدة فى إدارة شئونها وتحديد سياستها .
كما تدعوا المنظمة المصرية كافة مؤسسات المجتمع المدنى وممثلى الجمعيات الأهلية العاملة فى مصر للعمل سويا من أجل مواجهة القيود القانونية والمتضمنة فى مشروع قانون الجمعيات الأهلية ووضع استراتيجية لخطة طويلة الأجل دفاعاً عن حرية العمل الأهلى فى مصر .

كما تطالب المنظمات العربية والدولية للتضامن مع المنظمات المصرية لمواجهة هذه الهجمه على مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر .

 

الصفحة الرئيسية