الشاهد للدراسات السياسية والاستراتيجية        

   
     

ترشيح النساء للبرلمان يقسم الإسلاميين المصريين

القاهرة - قطب العربي

أحدث نبأ ترشيح جماعة الإخوان المسلمين أول سيدة لانتخابات مجلس الشعب القادمة التي تُجرى منتصف أكتوبر القادم (السيدة جيهان عبد اللطيف الحلفاوي) دويًّا كبيرًا، كما أحدث انقسامًا في صفوف الإسلاميين المصريين، بين مؤيد ومعارض لهذا الترشيح.

وفيما كشف هذا الأمر عن تطور الرؤية الفقهية والسياسية لبعض التنظيمات الإسلامية فيما يخص دور المرأة في المجتمع، فإنه كشف في المقابل عن تحكم الرؤية السلفية التقليدية لدى تنظيمات وجمعيات إسلامية أخرى، ممن تمنع المرأة من المشاركة في الحياة العامة، وتقصر دورها على العمل داخل المنزل.

فالمستشار محمد المأمون الهضيبي - نائب المرشد العام، المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين - أكد لـ "الحدث" أن قضية حق المرأة في الانتخاب والترشيح محسومة لدى الجماعة التي ترى أن للمرأة كل الحق في ذلك، وأن هذا الموقف بُني على دراسات واجتهادات فقهية أخذت وقتًا من النقاش على مستوى فقهاء الجماعة، وتضمنتها رسالة المرأة المسلمة في المجتمع المسلم التي صدرت عام 1994م.

وقال الهضيبي: إننا لا نرى ثمة نص في الشريعة الغرّاء يحجب مشاركة المرأة في هذه الأمور، بل إن قول الله تبارك وتعالى: "وَالْمُؤْمِنُوْنَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ..."، وقوله: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون" يتضمنان تكليفًا للمرأة تؤديه بالمشاركة في اختيار أهل الحل والعقد على وجه شرعي، وفي بعض الحالات قد تكون هذه المشاركة واجبة وضرورية؛ فقوانين الانتخابات المعمول بها في كثير من الدول الإسلامية الآن تنص على إطلاق حق المرأة في الانتخاب، وإحجام المرأة المسلمة عن المشاركة في الانتخابات يضعف من فرصة فوز المرشحين الإسلاميين، وما قيل عن حق المرأة في الانتخاب يقال أيضًا عن حقها في الترشيح، ونيابتها عن الشعب.

من ناحيته يرى جمال سلطان - وكيل المؤسسين لحزب الإصلاح الإسلامي (تحت التأسيس) - والذي يمثل قطاعًا من المنتمين والمتعاطفين مع الجماعة الإسلامية أو "الجهاد" أن المسألة يحكمها في الأساس موازنة المصالح والمفاسد؛ وبالتالي فقد تتغير الفتوى باختلاف مواقعها، ونحن لا نرى حرجًا شرعيًّا يمنع ترشيح المرأة، لكننا لا نرى أي قيمة للانتخابات القادمة والحياة البرلمانية طالما استمر منهج التزوير في مصر.

وقال سلطان: برنامج حزبنا التأسيسي تضمن تحديدًا لموقفنا من المرأة، بل إننا لدينا تسع عشرة سيدة من بين المؤسسين للحزب، بعضهن قيادات نسائية إسلامية، مثل الدكتورة حنان رشاد.

ويرى المهندس أبو العلا ماضي -وكيل المؤسسين لحزب الوسط (المنشق عن الإخوان المسلمين)- أن خطوة الإخوان بترشيح سيدة للانتخابات القادمة هي خطوة إيجابية، وتستحق التشجيع، وأتمنى أن تتم ولا يحدث فيها تراجع.

وقال ماضي: إننا لم نقرر بعدُ خوض الانتخابات القادمة، وإذا خضناها فسيكون ذلك في أضيق نطاق، ولكننا سنسعى في أي انتخابات قادمة أن نرشح سيدات وأقباطًا، ليس لمجرد تأكيد حق المرأة أو الأقباط  في الترشيح والنيابة؛ فهذه مسألة مفروغ منها بالنسبة لنا، ولكن سنفعل ذلك من باب الكفاءة والاستحقاق والجدارة بالترشيح، والتعبير عن قضايا الشعب.

ترشيح المرأة غير جائز

في المقابل يرى الشيخ صفوت نور الدين -رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية- المنتشرة في القطر المصري أن ترشيح المرأة أمر غير جائز، ولا يحق لها حتى التصويت، والمرأة في رأيه لها ولي، ووليها هو الذي يرعى شئونها، وهي ليست بحاجة لأن تخرج لتطالب بحقوقها، بل إن المجتمع هو الذي يراعي حقوقها.

وقال رئيس أنصار السنة: إن معظم الناس تفتقد للاعتقاد الإيماني الصحيح؛ ولذلك فهي إحداث تفسيرات بعيدة عن الشرع، والله تعالى يقول: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، فما لم يكن عند نزول هذه الآية من الدين فليس اليوم دينًا.

وأضاف أن المجالس النيابية جُعلت لتنظيم الأمور التي تقع في دائرة المباح الشرعي، أما كل أمر للشرع فيه رأي بالوجوب أو النهي أو الكراهة أو التحريم فليس لأحد أن يخرج على الشرع؛ وبالتالي فنحن نرى ضرورة أن يتصف أهل الحل والعقد بالعلم والاجتهاد في الدين، ونحن لا نرى أنهم يأتون بطريق الانتخاب، ولكن الأصل هو الشورى!!.

ويضيف الشيخ صفوت نور الدين أن قضية المرأة محسومة عند جماعته، وليست مطروحة للنقاش، وليس لدينا وقت لنبحث هذه الأمور؛ فالحريق يلتهم الناس لأنهم غارقون في ضلال الاعتقاد!.

ويبدي ممدوح إسماعيل -وكيل المؤسسين لحزب الشريعة- الذي يعبر عن قطاع من المنتمين والمتعاطفين مع الجماعة الإسلامية و"الجهاد" أيضا اعتراضه على فكرة ترشيح المرأة للانتخابات النيابية؛ حيث لا يجوز لها- برأيه- التصدي لقيادة الجماهير، وليس هناك ما يسمح شرعًا بأن تتعامل المرأة مع العمل العام؛ لأن المرأة مكانها الطبيعي هو البيت!!.

ويضيف أنه لا يجوز للمرأة أن تلتحم بالجماهير، خصوصًا في هذا الوقت الذي فسدت فيه القيم والأخلاق مما يجعل المرأة عرضة لحرج شرعي.

أما الدكتور يحيى إسماعيل -الأمين العام السابق لجبهة علماء الأزهر- فإنه يرى أن ولاية مجلس الشعب في حقيقتها -بصرف النظر عن وضعها الحالي- ولاية عامة؛ فالمجلس يراقب أعمال الحكومة، ويسن القوانين، وينتقل إلى مواطن النزاعات لتقصّي الحقائق، وتتشكل منه الوفود للزيارات الخارجية، وهو الذي يرشح رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الشعب، وإليه أمر سحب الثقة من الحكومة وإسقاطها، وكل ذلك يؤكد أن عضوية مجلس الشعب من الولايات العامة، والولاية العامة يشترط لتوليها - بعد الإسلام والحرية- الذكورة؛ لأن الولاية العامة ينبغي أن تكون متحررة من سلطان الغير وحقوقه، وذلك مثل حق الزوج حيث ستصبح السيدة النائبة بين خيارين: طاعة زوجها، أو طاعة المجلس إذا حدث بينهما خلاف.

ويضيف الأمين العام السابق لجبهة علماء الأزهر أن الجبهة أعدت بحثًا فقهيًا بالفعل حول ولاية المرأة، أعده الدكتور أحمد طه علي ريان -وكيل الجبهة- وألقاه في جامعة الأزهر، وهو يمثل الموقف الرسمي للجبهة في هذا المجال